من ذكريات أميركا
لوس أنجلوس 21 أيلول 1983
دفاع عن الدروز
أخبرتُ أنّ رئيس الجمعيّة الأميركيّة – الدرزيّة السيّد "سامي مرعي" سوف يظهر على شاشة التلفاز الأميركيّ "سي أن أن" في العاصمة "واشنطن"، في حوار ونقاش مع أحد أعضاء البرلمان "الكونغرس" عند ظهر نهار الأربعاء الواقع فيه 21 من أيلول من عام 1983، فأصغيت إلى بعض ما دار بين الرجلين، اللبنانيّ المتأمرك والأميركيّ الأصيل؛ كان الثاني يسأل الأوّل، والأوّل هذا يجيب بلغة إنكليزيّة أميركيّة نقيّة واضحة مقنعة، مدافعًا عن الدروز وحقوقهم، مبرّرًا حملهم السلاح مهاجمًا الرئيس "أمين الجميّل" المنحاز إلى القوّات اللبنانيّة المارونيّة.
وممّا قاله مجاوبًا على سؤال أحد مسؤولي التلفزة: إنّ النوّاب المسلمين انتخبوا "أمين الجميل" الكتائبيّ، رئيسًا للجمهوريّة اللبنانيّة بعد أن سمعوا تصريحًا له عند مجيئه إلى الولايات المتّحدة، قال فيه إنّه سوف يكون فوق الأحزاب، بدون تحيّز إلى حزبه السائر في ركاب إسرائيل، واعدًا بشكل حازم أنّه لن يسمح لجيشه بالصعود إلى الجبل، جبل الدروز، إلّا بعد سحب القوّات اللبنانيّة التي أتت إلى هذا الجبل مع مجيء الجيش الإسرائيليّ وبحمايته في شهر حزيران من عام 1982.
إلّا أنّ هذا الرئيس أخلف وعده، وعمل عكس ما قال، وظلّت عناصر القوّات بدعم عسكريّ إسرائيليّ، تتحرّش بالدروز، في عقر دارهم، يقتلون ويخطفون ويهينون هؤلاء الذين ذكّروه بوعده، ولكنّه لم يصغِ مدّعيًا أنّ بين القوّات المذكورة عناصر لا تأتمر بأمره بل بالأمر الإسرائيليّ. وإزاء هذا الوضع ما كان على الدروز إلّا خيار واحد هو القتال ضدّ من هاجموهم في قراهم الجبليّة، وهي قرى في المتن والغرب والشوف يعيشون فيها قبل النصارى بزمن مديد منذ مئات السنين؛ فتوحّدت كلمتهم وامتشقوا الحسام وتمرّسوا باستعمال المدفع وسائر أنواع السلاح المتطوّر، عندما تأكدوا عن طريق الواقع والوثائق، أنّ قوّات المارونيّة السياسيّة، تسعى لضربهم واستئصالهم من جبلهم وطردهم منه، مستعينين بالدعم العربيّ السوريّ؛ وعندما سُئل "سامي مرعي": لماذا يتعاون الدروز مع السوريّين والفلسطينيّين؟ أجاب: إذا لم يتعاونوا معهم فمع من يتعاونون؟ وإذا لم يساعدهم هؤلاء وهم عرب مثلهم، فمن يساعدهم للبقاء في بيوتهم وديارهم التي أورثهم إيّاها الآباء والجدود، وكيف يحافظون على حياتهم، والدفاع عن الحياة حقّ تقدّسه كلّ القوانين.
يوسف س. نويهض